أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 13 صفر 1444هـ، الموافق 9 سبتمبر 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 سبتمبر 2022م بصيغة word بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 سبتمبر 2022م بصيغة pdf بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم ، للدكتور محمد حرز.

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 9 سبتمبر 2022م بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم.

أولًا: إيَّاكُم والغفلةَ.                 

ثانيـــًا: أسبابُ الغفلةِ وعلاماتُهَا .

ثالثـــًا وأخيرًا:: احذرْ البغتةَ وموتَ الفجأةِ .

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 9 سبتمبر 2022م  بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم : كما يلي:

الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ مريم: 39 ،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , أمَّا بعدُ ..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  (آل عمران :102

عبادَ الله: الغفلةُ والبغتةُ في القرآنِ    عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا.

عناصرُ خطبة الجمعة بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم:

أولًا: إيَّاكُم والغفلةَ.                 

ثانيـــًا: أسبابُ الغفلةِ وعلاماتُهَا .

ثالثـــًا وأخيرًا:: احذرْ البغتةَ وموتَ الفجأةِ .

أيُّها السادةُ: بدايةً ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن  الغفلةِ والبغتةِ في القرآنِ , وخاصةً والغلفةُ يترتبُ عليها بغتةٌ في الأخذِ والعقابِ والحسرةِ والندامةِ, وخاصةً والناسُ في غفلةٍ ,والناسُ معرضون؛ لأنَّهم في اللهوِ والباطلِ والشهواتِ والمادياتِ غارقون ولا حولَ ولا قوةَ إلَّا باللهِ, وخاصة ونحن نعيشُ زمانًا غفلَ فيه الكثيرُ مِن الناسِ  عن ذكرِ اللهِ، وغفلَ فيهِ الكثيرُ مِن الناسِ عن الموتِ وبينَ لحظةٍ وآُخري وبينَ عشيةٍ وضحاهَا يجدُ الإنسانُ نفسَهُ في معسكرِ الأمواتِ  ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ فلا بدَّ مِن إلجامِ النفسِ بتذكيرِهَا بمصيرِهَا لِتَعْمُرَ الآخرةُ بالدنيا, ولينتهِ الغافلُ مِن غفلتِهِ قبلَ فواتِ الاوانِ وصدقَ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ رضى اللهُ عنه حيثُ قال: ( النَّاسُ نيامٌ فإذا ماتُوا انتَبَهُوا)

يا ساهيًا يا غافلاً عمـّا يرادُ لـهُ  ***  حانَ الرحيلُ فمَا أعددتَ مِن زادِ

ترجُوا البنَا صحيحًا أبدًا هيهاتَ  ***  هيهاتَ أنتَ غدًا فيمَا غدَا غادِ

 العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم

أولًا: إيَّاكُم والغفلةَ.

أيُّها السادةُ:_ بدايةً الغفلةُ الحقيقيةُ هي غفلةُ القلبِ، فقلبُ الغافلِ ينبضُ ويضخُّ الدمَ في عروقِ جسدِهِ، ولكنَّهُ متجمدٌ لا يضخُّ رغبةً في الخيرِ، ولا منافسةً في أعمالِ البرِّ، ولا ندمًا عندَ الوقوعِ في التقصيرِ, لذا خاطبَ اللهُ نبيَّهُ صلَّى اللهُ عليه وسلم بقولِهِ جلَّ وعلَا : ))وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) ((الكهف: 28 والغفلةُ آفةٌ طمستْ العقولَ وأفسدتْ القلوبَ, فهي الغفلةُ عن اللجوءِ إلى اللهِ وهي الغفلةُ عن التوبةِ,, والغفلةُ عن الطاعةِ والغفلةُ عن ذكرِ اللهِ, والغفلةُ عن ردِّ المظالمِ، والغفلةُ عن الحسابِ والدارِ الآخرةِ ……فاحذرُوا هذا المرضَ الخطيرَ ، والداءَ المخيفَ ، والذي لو تمادَى فيه الإنسانُ أورثَهُ ندامةً لا تنقطعُ، وحسرةً لا آخرَ لهَا ،إلَّا مَن تولاهُ اللهُ برحمتهِ ،وأيقظَهُ مِن هذا المرضِ الخطيرِ بعفوهِ سبحانَهُ ,والغفلةُ هي: الانغماسُ في الدنيا وشهواتِهَا ونسيانُ الآخرةِ ، بحيثُ يصيرُ الإنسانُ له قلبٌ لا يفقهُ بهِ ،وله عينٌ لا يرَى بها ، وله أذنٌ لا يسمعُ بها قالَ جلَّ وعلَا: ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }( الأعراف:179 ) فترَى الغافلَ يجتهدُ في تعميرِ الدنيا الفانيةِ، ويُعرضُ عن الآخرةِ الباقيةِ, فيكرَهُ لقاءَ اللهِ واليومَ الآخر؛ لأنَّهُ لم يقدمْ لنفسهِ شيئًا, فيخافُ أنْ ينتقلَ مِن العمرانِ إلى الخرابِ، وتراهُ منغمسًا في نِعَمِ اللهِ التي لا تُعدُّ ولا تُحصى، وينسَى شكرَ المنعمِ؟! ،ترَى الغافلَ يجتهدُ في جمعِ المالِ مِن حلِّهِ وحرامِهِ ,ويملأُ بطنَهُ بالحرامِ ولا يُبالِي ، ويتلذذُ بالذنوبِ والمعاصِي ،وينسَى أنْ يطرقَ بابَ التوبةِ !!!ترَى الغافلَ يحيدُ عن الحقِّ ويتكبرُ عن قبولِهِ, ويتبعُ طريقَ الضلالِ, ولا يتأثرُ بالآياتِ الشرعيةِ والكونيةِ. لذا صرفَ اللهُ قلبَهُ عن الذكرِ ، قالَ جلَّ وعلا : ((سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ }( الأعراف: 146)قالَ ربُّنَا: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ  مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُون َلَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) (سورة الأنبياء: 1} كلماتٌ تهزُّ الغافلين هزًّا ,كلماتٌ تهزُّ الساقطين هزًّا كلماتٌ تهزُّ اللاعبينَ هزًّا، كلماتٌ تهزُّ العاقلين، الحسابُ يقتربُ والساعةُ تقتربُ, والقيامةُ تقتربُ، والناسُ في غفلةٍ، والناسُ معرضون لماذا ؟لأنَّهُم في اللهوِ والباطلِ والشهواتِ والمادياتِ غارقون، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ (لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ )والقلبُ اللاهي هو القلبُ الغافلُ عن ذكرٍ مولاهُ في ضنكٍ وشقاءٍ في الدنيا والآخرةِ قالَ ربُّنَا:( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) }(سورة  طه)بل وعدَ اللهُ الغافلين عن ذكرهِ بالعذابِ الأليمِ والعقابِ الشديدِ في الدنيا والآخرةِ،  قالَ ربُّنَا 🙁 وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) [سورة  الزخرف: 36] قيل: نسلطُ ظلمةَ الجنِّ على ظلمةِ الإنسِ، فالغفلةُ عن ذكرِ اللهِ دمارٌ في الدنيا وهلاكٌ في الآخرةِ يا ربِّ سلِّمْ، عن  أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ)( رواه الترمذي) أليسَ عجيبًا يا سادةٌ أنْ يعرضَ المسلمُ عن مولاه ؟ أليسَ عجيبًا ياسادةٌ أنْ يقضيَ المسلمُ عمرَهُ في غفلةٍ عن مولاه؟  أليس عجيبًا يا سادةٌ أنْ يضيعَ المسلمُ عمرَهُ بالجلوسِ على المواقعِ الخبيثةِ على  شبكةِ النتِّ الخطيرةِ. فبِسَبَبِ الغَفلَةِ أُهلِكَتْ أُمَمٌ، وَخُتِمَ عَلَى قُلُوبٍ وَأَسمَاعٍ وَأَبصَارٍ، وَبِسَبَبِ الغَفلَةِ صُرِفَ مُتَكَبِّرُونَ عَن آيَاتِ اللهِ، وَأُغلِقَت أَبوَابُ خَيرٍ وَفُتِحَت أَبوَابُ شَرٍّ، وَبِسَبَبِ الغَفلَةِ فَرَّطَ كَثِيرُونَ فِيمَا يَنفَعُهُم فَتَحَسَّرُوا، وَكَانَ مَصِيرُ قَومٍ إِلى النَّارِ وَالخَسَرانِ، قال جل وعلا عَن قَومِ فِرعَونَ: ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ الأعراف: 135، 136

 العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم

ثانيـــًا: أسبابُ الغفلةِ وعلاماتُهَا .

أيُّها السادةُ: للغفلةِ أسبابٌ كثيرةٌ وعديدةٌ لا يتسعُ الوقتُ لحصرِهَا، منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ:

التهالكُ عن الدنيا والغفلةُ عن الآخرةِ، سلّم يا ربِّ سلّم، فمِن الناسِ الآنَ كلُّ همِّهِ الدنيا كلُّ غايتِهِ الدنيا انصرفَ بكلِّ طاقتِهِ إلى الدنيا مع أنَّهُ لن يحصلَ مِن الدنيا إلَّا ما قدرَهُ لهُ الملكُ جلَّ في علاه؛ لقولِ النبيِّ المختارِ صلَّى اللهُ عليه وسلم  كما في حديثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ)رواه الترمذي ,فحبُّ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئةٍ ،كما في الحكمةِ المشهورةِ، والغفلةُ هي ثمرةُ حبِّ الدنيا، قالَ جلَّ وعلَا (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الروم:7)قالَ ابنُ كثيرٍ في تفسيرهِ: فإنَّ أكثرَ الناسِ ليسَ لهُم علمٌ إلَّا بالدنيا وشؤونِهَا ، فهم فيها حُذَّاقٌ ، أذكياءٌ في تحصيلِهَا ووجوهِ مكاسبِهَا ،وهم غافلُون عن أمورِ الدينِ وما ينفعُهُم في الدارِ الآخرةِ، كأنَّ أحدَهُم لا ذهنَ لهُ ولا فكرةَ، وقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَاللَّهِ لَبَلَغَ مِن أحدِهِم بدنياهُ أنْ يَقْلِبَ الدِّرْهَمَ عَلَى ظُفْرِهِ، فَيُخْبِرُكَ بِوَزْنِهِ وَمَا يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّيَ .فبعضُ الناسِ يجلسُون مع بعضِهِمُ البعض كلُّ حديثِهِم عن الدنيا ، عن المالِ ، عن النساءِ، عن الشهوات ، عن الربحِ عن الخسارةِ وهم عن الآخرةِ هم غافلون ، أَلَمْ يقلْ الحقُّ تباركَ وتعالَى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (سورة  الأنعام :96) ألمْ يقلْ الحقُّ تباركَ وتعالَى:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا(10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)(سورة  نوح)لذا حذرَ اللهُ مِن التهالِكِ عن الدنيا، والغفلةِ عن الآخرةِ فقالَ ربُّنَا :{ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ)) سورة  التكاثر 1-2 )شغلَكُم حبُّ الدنيا ونعيمُهَا وزهرتُهَا عن طلبِ الآخرةِ وابتغائِهَا، وتمادَى بكُم ذلك حتى جاءَكُم الموتُ وزرتُم المقابرَ، وصرتُم مِن أهلِهَا، عن عبدِ اللهِ بن ِالشِّخِّير أنَّه قالَ أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم وهو يقرأُ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}، قالَ “يقولُ ابنُ آدمَ: مالِي مالِي! وهل لك مِن مالِكَ إلّا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لبستَ فأبليتَ، أو تصدقتَ فأمضيتَ؟”(رواه مسلم). بل بيَّنَ اللهُ أنَّه مَن رضِيَ بالدنيا وأطمأنَّ إليها،  محالٌ أنْ يرجُوا لقاءَ اللهِ ،مُحالٌ أنْ يفكرَ في لقاءِ اللهِ؛ لأنَّه رضِيَ بالدنيا، قالَ ربُّنَا (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8) (سورة  يونس   )لماذا لأنَّهُ عمّرَ الدنيا وخرّبَ الآخرةَ فيكرَهُ الخروجَ مِن العمرانِ إلى الخرابِ لذا قال المصطفَي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) متفق عليه . لكنْ ليس معني ذلك أنْ نتركَ الدنيا ونجلسَ في البيوتِ ننتظرُ الموتَ كلَّا، ولكنْ اعملْ لدنياكَ كأنَّك تعيشُ غدًا واعملْ لأخرتِكَ كأنَّك تموتُ غدًا، فالإسلامُ دينٌ وعملٌ، يقولُ علىٌّ  بنُ أبي طالبٍ: الدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَّقَهَا ، وَدَارُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا ، وَمَطْلَبُ نُجْحٍ لِمَنْ سَالَمَ ، فِيهَا مَسَاجِدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَهْبِطُ وَحْيِهِ ، وَمُصَلَّى مَلَائِكَتِهِ ، وَمَتْجَرُ أَوْلِيَائِهِ ، فِيهَا اكْتَسَبُوا الرَّحْمَةَ ، وَرَبِحُوا فِيهَا الجنة)لذا كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ  أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ) انظروا إلى هذا الجمعِ البديعِ مِن سيدِ النبيين بينَ الدنيا والدينِ، فالعاقلُ هو الذي يتخذُ الدنيا ممرًّا للآخرةِ، العاقلُ هو الذي يتخذُ الدنيا مزرعةً للآخرةِ، لكنْ للأسفِ غفلَ الإنسانُ عن الموتِ غفلَ الإنسانُ عن ذكرِ اللهِ نسيَ الإنسانُ الموتَ ،نسيَ الإنسانُ القبرَ نسيَ الإنسانُ الحسابَ، نسيَ الإنسانُ العرضَ على  الكبيرِ المتعالِ، نسيَ الإنسانُ الوقوفَ بينَ يدي اللهِ، نسيَ الإنسانُ الصحفَ، نسيَ الإنسانُ الصراطَ، نسيَ الإنسانُ الجنةَ، نسيَ الإنسانُ النارَ، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ.

بل مِن أخطرِ أسبابِ الغفلةِ: طولُ الأملِ  يفكرُ الإنسانُ أنَّه سيخلدُ وأنَّه لا يزالُ صغيرًا، ولا يزالُ صحيحًا وهو لا يدرِي كمْ مِن صحيحٍ ماتَ لا مِن علةٍ؟ وكم مِن مريضٍ عاشَ حينًا مِن الدهرِ؟ وصدقَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم إذ يقولُ كما في حديثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَبْقَى مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ وَالْأَمَلُ)) (رواه أحمد) انظروا جلسَ نفرٌ مِن الصالحين يتسألون ويتذاكرون حولَ قصرٍ الأملِ فقالَ أحدُهُم : بلغَ منِّي قصرُ الأملِ أنِّي إذا رفعتُ اللقمةَ إلى فمِي هل أتمكنُ مِن أكلِهَا أم لا؟ وقالَ الثاني: مثلَ ما قالَ الأولُ، وقالَ الثالثُ : بلغَ منّي قصرُ الأملِ أنِّي إذا خرجَ منِّي النفسُ لا أدري أيعودُ إلى أم لا ؟ فإياكَ ثمّ إياكَ أنْ يَحُولَ طولُ الأملِ بينك وبينَ طاعةِ مولاكَ فتكونَ مِن الخاسرين. كما قالَ ربُّنَا: { ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ  }(سورة  الحجر:  3 )قال سلمانُ الفارسِيُّـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ  : عجبتُ مِن ثلاثةٍ: مؤملُ دنيا والموتُ يطلبُهُ، وضاحكٌ بملءِ فِيهِ لا يدرِي أربُّه راضٍ عنه أم ساخطٌ عليه، وغافلٌ ليس بمغفولٍ عنهُ.

ومِن أسبابِ الغفلةِ: الذنوبُ و المعاصي :فهي مِن أعظم أسبابِ الغفلةِ، قال جلَّ وعلا: ((كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )المطففين 14قال الحسنُ البصريُّ: الرانُ هو الذنبُ على الذنبِ حتى يعمِى القلب ,وقال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما: ((إنَّ للحسنةِ ضياءً في الوجهِ، ونورًا في القلبِ، وسعةً في الرزقِ، وقوةً في البدنِ، ومحبةً في قلوبِ الخلقِ، وإنَّ للسيئةِ سوادًا في الوجهِ، وظلمةً في القلبِ، ووهنًا في البدنِ، ونقصًا في الرزقِ، وبغضةً في قلوبِ الخلق)).

ومن أسبابِ الغفلةِ: صحبةُ السوءِ : والعربُ تقولُ: الصاحبُ ساحبٌ، والطبعُ يسرقُ مِن الطبعِ، فمَن جالسَ أهلَ الغفلةِ والجرأةِ على المعاصِي كان منهم ، قال تعالى ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً))الفرقان:27-29 . وفي حديث أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- « الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ » رواه الترمذي وأبو داود، وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- قَالَ: لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِىٌّ ))رواه أبو داود

بل مِن أخطرِ أسبابِ الغفلةِ: نسيانُ الموتِ، نعم لو علمَ الإنسانُ أنَّ الموتَ لا يدقُّ بابًا ولا يهابُ سلطانًا ولا يستأذنُ حارسًا ، ولا يقبلُ هديةً ولا رشوةً، يقولُ لك هيهاتَ هيهاتَ انقطعتْ مدتُكَ، وانقضتْ أنفاسُكَ، ونفذتْ ساعاتُكَ فليس إلى تأخيرِكَ مِن سبيل ؟  ما سرقَ ما زنَى ما أكلَ الحرامَ ما تحدثَ في أعراضِ الناسِ ما أكلَ الحقوقَ ما أكلَ حقوقَ البناتِ ما أكلَ حقوقً اليتامَى ؟لو علمَ أنَّ الموتَ يأتِي بغتةً ما ضيعَ الصلاةَ ما ضيعَ الزكاةَ ؟ ما أكلَ الحرامَ؟ لذا قالَ النبيُّ المختارُ  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ) (رواه الترمذي قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) فمَن استبعدَ موتَهُ ونسي قبرَهُ وأطالَ عمرهُ فليقرأْ حديثَ أبي ذرٍـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ  :(عَجِبْت لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ ثُمَّ يَضْحَكُ ، وَعَجِبْت لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ يَتْعَبُ ، وَعَجِبْت لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا ثُمَّ يَطْمَئِنُّ إلَيْهَا ، وَعَجِبْت لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ثُمَّ يَفْرَحُ ، وَعَجِبْت لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا ثُمَّ لَا يَعْمَلُ } أو يقرأ قولَ أبي الدرداءِ: كفي بالموتِ واعظًا، كفي بالدهرِ مفرقًا، الْيَوْمُ فِي الدُّورِ وَغَدًا فِي الْقُبُورِ.  يا ربِّ سلمْ لأنَّ مَن لم يمرضْ فجأةً ماتَ فجأةً فحذرُوا مفاجأةَ ربِّكُم  .

وللغفلةِ والغافلين علاماتٌ، فمِن علاماتِ الغفلةِ:

 أولاً: التكاسلُ عن الطاعاتِ: وهذه العلامةُ مِن أهمِّ العلاماتِ، قالَ اللهُ تعالَى في شأنِ المنافقين: ((وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)) سورة النساء، الآية  ١٤٢ .

ثانيًا: استصغارُ المحرماتِ والتهاونُ بها : قال عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه : (« إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ » . فَقَالَ بِهِ هَكَذَا قَالَ أَبُو شِهَابٍ بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ ) رواه البخاري.  

ثالثًا: إلفُ المعصيةِ ومحبتُهَا والجهرُ بهَا : ففي الصحيحين (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ « كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ » .  

رابعًا: تضييعُ الوقتِ مِن غيرِ فائدةٍ: فالوقتُ نعمةٌ، ولا يضيعهُ إلّا غافلٌ؛ لأنَّه لا يعرفُ أنَّ الوقتَ هو أغلى ما يملكُ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى اللهُ عنهما قَالَ ،قَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم « نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ » رواه البخاري ،والكثيرُ مِن الغافلين لا يعلمُون أنَّهم في غفلةٍ، وإذا أردتَ أنْ تعلمَ هل أنتَ مِن الغافلين أم لا، فانظرْ كمَا قالَ ابنُ مسعودٍ: ما ندمتُ على شيءٍ ندمِي على يومٍ غربتْ شمسُهُ نقصً فيهِ أجلِي ولم يزددْ فيهِ عملٍي]. فإنْ كنتَ مِمَّن تمرُّ عليك الأيامُ والليالي ولا تتحسرُ على فواتِهَا لأنَّهَا مضتْ في غيرِ طاعةٍ أو لم تتزودْ منهَا كما ينبغِي فاعلمْ أنَّك غافلٌ ، وانظرْ إلى اهتمامِكَ بوقتِكَ، وعنايتِكِ بالوقتِ، فإنْ كنتَ تقتلُهُ سدًى، وتضيعُهُ هباءً، ولا تُبالِي بمَا أدبرَ وأقبلَ منهُ فأنتَ غافلٌ مسكينٌ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ 

              أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم  

  الخطبة الثانية خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم

الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  وبعدُ…..

 العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التحذير من الغفلة والبغتة في القرآن الكريم

ثالثـــًا وأخيرًا:: احذرْ البغتةَ وموتَ الفجأةِ .

موتُ الفجاءةِ علامةٌ مِن علاماتِ الساعةِ كما قال النبيُّ المختارُ  صلَّى اللهُ عليه وسلم  ( أنَّ مِن أشراطِ الساعةِ أنْ يظهرَ موتُ الفجأةِ ) وما أكثرُ موتِ الفجأةِ في هذا الزمانِ نسمعُ كلَّ يومٍ فلانٌ ماتَ فجأةً، فلانةٌ ماتتْ فجأةً جاءَهُم الموتُ يأتي بغتةً … والقبرُ صندوقُ العملٍ قَلِّبْ نَظَرَكَ أَخِي الْكَرِيمَ فِي وَفَيَاتِ عَالَمِ الْيَوْمِ تَرَ مِصْدَاقَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، وَفَيَاتٌ مُفَاجِئَةٌ، وَفَيَاتٌ مُبَاغِتَةٌ، سَكَتَاتٌ قَلْبِيَّةٌ، وَجَلَطَاتٌ دِمَاغِيَّةٌ، وَذَبَحَاتٌ صَدْرِيَّةٌ، وَحَوَادِثُ مُرَوِّعَةٌ، وَأَمْرَاضٌ مُجْهِزَةٌ.تَرَى الرَّجُلَ الشَّدِيدَ لَا يَشْكُو بَأْسًا وَلَا يَئِنُّ وَجَعًا، يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ فَلَا يَرْجِعُ إِلَّا إِلَى دَارٍ أُخْرَى.تَرَى الرَّجُلَ الصَّحِيحَ السَّلِيمَ يَفْرَحُ بِجَدِيدِ ثِيَابِهِ، فَيُلَفُّ بِأَكْفَانِهِ قَبْلَ أَنْ يَهْنَأَ بِلُبْسِ الْجَدِيدِ.تَرَى الرَّجُلَ الْمُعَافَى يَنَامُ مِلْءَ الْجُفُونِ فَمَا يَسْتَيْقِظُ إِلَّا عَلَى نِدَاءِ مَلَكِ الْمَوْتِ يَدْعُوهُ لِلرَّحِيلِ.

يَا نَائِمَ اللَّيْلِ مَسْرُورًا بِأَوَّلِهِ *** إِنَّ الْحَوَادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارًا

الْمَوْتُ فِي كُلِّ حِينٍ يَنْشُرُ الْكَفَنَ *** وَنَحْنُ فِي غَفْلَةٍ عَمَّا يُرَادُ بِنَا

 جَنَائِزُ وَجَنَائِزُ أَصْحَابُهَا مِنَ الشَّبَابِ الْأَصِحَّاءِ، وَلَيْسُوا مِنَ الشُّيُوخِ وَلَا مِنَ السُّقَمَاءِ..

إِنَّ انْتِشَارَ ظَاهِرَةِ مَوْتِ الْفَجْأَةِ -عِبَادَ اللَّهِيَدْعُو كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ وَغَفَلَ أَنْ يَقِفَ مَعَ نَفْسِهِ وَقْفَةَ حِسَابٍ وَمُحَاسَبَةٍ، مَاذَا قَدَّمَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ فِي سَالِفِ الْأَيَّامِ؟! مَاذَا عَنِ الْفُتُورِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالتَّقْصِيرِ فِي السُّنَنِ؟!يَا لَيْتَنَا ثُمَّ يَا لَيْتَنَا نُعَاتِبُ أَنْفُسَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِي جَنْبِ اللَّهِ! فَكَمْ مِنْ مُحَرَّمَاتٍ هَتَكْنَاهَا! وَفَرَائِضَ ضَيَّعْنَاهَ! وَكَبَائِرَ تَهَاوَنَّا بِهَا! يَا لَيْتَنَا ثُمَّ يَا لَيْتَنَا نَتَذَكَّرُ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَهْوَالٍ! أَهْوَالٌ بَعْدَهَا أَهْوَالٌ !!يَا لَيْتَنَا ثُمَّ يَا لَيْتَنَا نَتَذَكَّرُ الْقَبْرَ الْمَحْفُورَ، وَالنَّفْخَ فِي الصُّورِ، نَتَذَكَّرُ الْبَعْثَ وَالنُّشُورَ، وَالسَّمَاءَ يَوْمَ تَمُورُ..آهٍ فرُبَّ شروقٍ بلا غروبٍ، ورُبَّ ليلٍ بلا نهارٍ ،وكمْ مِن رجلٍ كان مِن أهلِ الدنيا وأصبحَ مِن أهلِ الآخرةِ ،وكمْ مِن مزمارٍ في بيتٍ أصبحَ فيه الصراخُ وكم مِن رجلٍ كانَ يقسمُ ميراثًا لأبيهِ وفي الصباحِ لحقَ بهِ وراح .

ما في الحياةِ بقاءٌ      ***   ما في الحياةِ ثبوتُ

نبنِي البيوتَ وحتمًا   ***     تنهارُ تلك البيوتُ

تموتُ كلُّ البرايَا      ***   سبحانَ مَن لا يموتُ

فعُدْ إلى ربِّكَ ،واندمْ على  ما فرطتَ في جنبِ اللهِ، واعلمْ أنَّ اللهَ يفرحُ بتوبتِكَ ،وهو الغنيُّ عنكَ وعن عبادتِكَ قالَ تعالًى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ }[سورة  فاطر :آية رقم ( 15 -17]

وعن  أَنَسِ بْنِ مَالِكٍـ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ـ   قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتعالى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالى يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) رواه الترمذي

فأفقْ مِن غفلتِكَ، وأحضرْ قلبَكَ مِن بيتِكَ، واعلمْ بأنَّهُ لا نومَ أثقلُ مِن الغفلةِ ولا نذيرٌ أبلغُ مِن الشيبِ، ولا رقَّ أملكُ مِن الشهوةِ .أفقْ واغتنمْ الفرصةَ واغتنمْ حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصحتَكَ قبلَ سقمِكَ وشبابَكَ قبلَ هرمِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ أيُّهَا المغترُّ بطولِ الصحةِ  أمَا رأيتَ ميتًا مِن غيرِ سقمٍ !!أيُّها المغترُ بطولِ المهلةِ أمَّا رأيتَ ميتًا مِن غيرِ مهلةٍ!! ،أبالصحةِ تغترونَ أمْ بطولِ العافيةِ تمرحون، رحمَ اللهُ عبدًا عملَ لساعةِ الموتِ، رحمَ اللهُ عبدًا عملَ لِمَا بعدَ الموتِ. فالحياةُ كُلُّهَا لحظاتٌ، قالً ربُّنَا: ((قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ))(المؤمنون:112: 115)

يا مَن بدنياهُ اشتغلْ … وغرَّهُ طولُ الأمل

الموتُ يأتِي بغتةً … والقبرُ صندوقُ العمل

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

 

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

               د/ محمد حرز

إمام بوزارة الأوقاف

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »